على ذات الدرب التي مشى عليها والدها جمال الطويل مشت بشرى، ولم تهتم لملاحقةٍ أو استدعاء أو اعتقال أو تهديد، أو ربما هي ستهتم لكنها لن تنكسر ولن ترضخ، ومن يعرف بشرى عن قرب يدرك أنها أدركت بوصلتها جيداً، وأنها تجاوزت بصلابتها مراحل متقدمة من المواجهة النفسية والمعنوية مع العدو والمتربصين.
الاعتقال الأخير لبشرى جاء نهاية عام 2019، اقتحم الاحتلال منزلها في ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، وتم احتجازها ريثما أصدر القائد العسكري لمنطقة رام الله أمراً باعتقالها إدارياً لمدة 4 أشهر، وفي محكمة عوفر تم تثبيت الأمر، ومن ثم تجديده نهاية مارس/أذار لأربع شهور أخرى، انتهت بتاريخ الثامن والعشرين من تموز 2020، بعدما قضت بشرى ثمانية أشهر رهن الاعتقال الإداري.
وقد يبدو للبعض هذا الاعتقال هيناً مقابل أحكام بالسجن لسنوات تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات، لكن الحقيقة أن بشرى قد كونت تجربة تراكمية في الاعتقال فاقت نظيراتها الأسيرات الفلسطينيات بمراحل وأشواط، فالاعتقال الأول لها صدر حين كان عمرها لما يبلغ الثامنة عشر من العمر، وحُكم عليها بالسجن لـ 16 شهراً، لكن الاحتلال اضطر صاغراً لإطلاق سراحها ضمن صفقة الأحرار عام 2011.
ثم في عام 2014 قام الاحتلال باعتقالها مرةً أخرى، بعد حملةٍ استهدف بها أسرى ومحرري صفقة وفاء الأحرار، معيداً لهم أحكامهم السابقة، وبعد اتمام حكمها السابق، أو ما بقي منه -10 شهور ونصف- تم الإفراج عنها، ليتم اعتقالها مجدداً في نوفمبر عام 2017 للمرة الثالثة بعدما اقتحم منزلها وصادر مبالغ مالية وأدوات الكترونية منه، ناهيك عن التحقيق ميدانياً مع عائلتها.
في ذلك الاعتقال أصدر القائد العسكري أمراً باعتقالها إدارياً لمدة 6 أشهر، لكن القاضي العسكري في محكمة عوفر خفض الحكم لأربعة أشهر، تم تجديدها مرةً أخرى ليتم الإفراج عنها بعد منتصف عام 2018.
حملات الاعتقال المتكررة قيدت حلم بشرى لكنها لم تقتله، فلم تستطع الالتحاق بشكلٍ رسمي بجامعةٍ فلسطينية، وإنما التحقت ببرنامج الصحافة في الكلية العصرية في رام الله، ثم أنشأت شبكة أنين القيد الشبابية التي تهدف إلى رفع الوعي بقضية الأسرى والتواصل مع أهاليهم وزيارتهم باستمرار.
ربما تمثل حكاية بشرى سابقة في الاستهداف الممنهج للمرأة الفلسطينية لكنها بالنسبة لعائلتها مرحلةُ من مراحل الصمود العائلي المعتاد، فوالدها قضى ما يزيد مجموعه عن ال15 عاماً في الاعتقال، ووالدتها تم استهدافها واستدعائها للعديد من المرات في سجون الاحتلال، كما تم استهداف أشقائها الثلاثة بالاعتقال المتكرر من قبل الاحتلال والسلطة، حتى غدا اجتماع العائلة لعيدين ممتاليين حلماً يكاد تحقيقه يوازي روعة العيد نفسه.